أبو سلمية

الحكاية دى يمكن قديمة شوية , بس لما شوفت الراجل المتخلف بتاع المجلس العسكرى بيسأل إزاى الثورة سلمية و فى نفس الوقت بتحدف طوب ؟ فغصباً عنى إفتكرت الحكاية
يوم 28 يناير جمعة الغضب فى إسكندرية, كنت -ساعتها- عمرى ما نزلت مظاهرات فى حياتى , كنت مقتنع إن دورى أهم و أنا (مستخبى) ورا الكيبورد , كنت بضحك على نفسى م الآخر لحد ما قطعوا عنى النت فمبقاليش حجة قدام ضميرى غير إن أنا أنزل و حصل الموقف إللى عمرى ما هنساه:
بينما كانا الفوضى و الترقب هما المسيطران على الموقف , كان قدرى أن أقابل ذلك الرجل الهُلامى العجيب الذى تدور عنه تلك القصة.
كانت الساعة 5 العصر , نزلت إلى الشوارع الخالية إلى حد مُخيف يشبه بدايات أفلام الرعب الأمريكية , توقعت أن يهجم على zombies الأمن المركزى بمجرد غروب الشمس , أسمع صدى صوت هتاف المظاهرات فى كل مكان و لكنى لا أراها فى أى مكان , من المفترض أن يهتف المرء لكى يفرح بحل قضيته فيما بعد , أما أنا فكان إيجاد المظاهرة فى حد ذاته كفيل بجعلى أرقص على أنغام المامبو , وجدت رجلاً يبحث مثلى عن مظاهرة , و بعدها بفترة وجدت رجلين , و هكذا حتى تكونت مظاهرة تبحث عن مظاهرة , نظر إلىّ أحدهم بملل و أقترح (طب ما تيجى نهتف بقى لحد ما نلاقيهم )
- ماشى بس نهتف نقول إيه؟
" سلميااااااااااااااااااااااااااااااااه"
صرخ فى أذنى رجل ما و كأن طبلة أذنى اليسرى هى المقر الرسمى لقوات الأمن المركزى , و بما إنى قد فقدت حاسة السمع مؤقتاً قررت إستخدام حاسة البصر لأرى الرجل الذى صدر عنه الصوت .

رجل يتراوح عمره ما بين الخمسين و الستين من العمر و ما بين المئة و خمسين و المئة و الستين من الكيلوجرامات و الكثير جداً من الهبل .
مر وقت طويل و نحن نهتف "سلمية سلمية" و هو يهتف سلمية , و ظل متمسكاً بهتافه الأسطورى , حتى إنضم إلينا نشطاء سياسيين و تغيرت الهتافات و صاحبنا ملوش دعوة برضه (سلمياااااااااااااه)

مررنا بجانب قسم سيدى جابر , الذى إشتهر عالمياً منذ حادثة الشهيد (خالد سعيد) , وجدنا ظباط و مخبرين و عساكر القسم (مرصوصين) أمام القسم , إختفت الرتب من على أكتافهم و وحددت بينهم نظرة الرعب فى عيونهم , حتى عندما إقترب منهم شاب متظاهر كثيف الشعر و يرتدى كوفية فلسطينى و أوضح لم بهدوء أن المظاهرة سلمية .

كنت أنا مشغول بالتطلع إلى الظباط أراهن نفسى أيهما إبن الكلب ( أحمد عثمان) قاتل خالد سعيد , هل (عثمان) المُفترى هو نفس الظابط المُرتعب الذى يتحدث إلى الشاب صاحب الكوفيه بمنتهى الخشوع :"أيوة بس حضرتك فى 3 أقسام إتكسرت"
أم أن عثمان إبن الكلب مش واقف هنا أساساً بس كلهم ولاد كلب؟

إنقطع حبل أفكارى عندما إنفجر الراجل أبو سلمية و قفز صارخاً فى وجه الظابط المرعوب :" إنت بتتكلم كتييييييييييييييييير ليه ؟ هو مش قال لك سلمية "

لم يرد الظابط (أحمد عثمان المُحتمل) و لكنه بدلاً من ذلك جرى بل إختفى هو و كل المخبرين و العساكر و جرى وراهم الراجل أبو سلمية و هو يحمل عصا (معرفش جابها منين) و يهتف سلميااااااااااااااااه"
و إختفى هو الآخر فى أحد الشوارع , و سمعنا صوته آت من أعماق الشارع "سلميييييييييااااااااه"
فسمعنا صوت عسكرى يصرخ أأأأأأأأأأأأأأى ى ى ى ى ى ى ى
ثم صوت الرجل أبو سلمية :" و دينى لأموتكم ضرب لحد ما تفهموا إنها سلمية يا ولاد الوسخة"
نظر المتظاهرين لبعضهم للحظات عجزوا فيها عن إيجاد أى تعليق مناسب
فسأل أحدهم نهتف بإيه بقى المرة دى ؟
رددت فى لهفة :" أبوس إيدك أى حاجة ما عدا سلمية"

تنوعت الهتافات بعد رحيل الراجل (أبو سلمية) , و أفتقدته رغم كل شىء , حتى هُيأ لى بصوت نشاذ عن بقية المجموعة " سلمياااااااااااه" نظرت و تمنيت سراً ألا أجد أبو سلمية و لكن أحياناً تخدعنا أمانينا, وقف بجانبى و على وجهه و ملابسه دماء و لم يزده ذلك سوى إصراراً على موقف , و (رقع) قوله المأثور "سلمياااااااااااااه"
و الأغرب أنه (لسبب غير مفهوم حتى لحظة كتابة هذه السطور) من دون الخلق أجمعين جه وقف جنبى أنا بالذات

و قلما قلت المسافة بيننا و بين ميدان القائد إبراهيم , كلما تكرر الموقف الآتى
يأتى من الجهة المقابلة رجل يحمل قطعة ما من سيارة الأمن المركزى (يعنى مرة طاسة و مرة نمرة أمن مركزى و مرة شمسية من نادى الشرطة) و دون أن يسأله أى شخص مننا يجيب فضولنا بكلمتين (طلعنا دينهم)
فيهلل (أبو سلمية) فى أذنى (نفس الودن للأسف) :"سلمياااااااااه"

و بعد فترة رأيت دخان أسود فى سماء الأفق البعيد فسألت الرجل أبو سلمية "هو في حريقة قدام و لا إيه يا حج؟"
- أبداً .. أصلهم ولعوا فى المحافظة و عادل لبيب (المحافظ) جواها " ثم عاد ليهتف " سلمية"
و بعد فترة تصاعد دخان آخر من مكان جديد فسألته , هذه المرة خلع نظارته الضخمة ليمسح دمعة فرحة " أصلهم ولعوا فى المستشفى و العيانين جواها .. و الله العظيم عيال رجالة سلمية سلمية"

منذ أن تركت المظاهرة (حتى بعد أن علمت فيما بعد أن الشرطة هى من بدأت الهجوم) و ظللت أفكر ما الذى يجعل هذا الرجل يقول سلمية و يفعل كل ما هو ليس سلمى على الإطلاق .. دخلت إلى سموحة فوجدت عالم آخر مالوش دعوة بــ ولا مظاهرات و لا حظر تجول و لا بتاع , بنات فى الشارع , ناس قاعدة فى الكافيات بتسمع (فرانك سيناترا) , و فجأة خطر فى بالى السبب الذى جعل الرجل يقول سلمية و يفعل العكس
لأنه من يوم ما أتولد و و بيتقاله ديموقراطية و بيحصل العكس
بيقولوله ده أكل و يطلع علف حيوانات
يجى يغمسه باللى قالوا عليه عيش يلاقى فيه مسامير و يطلع العيش شنطة عدة
فقرر أبو سلمية إنه ينزل المظاهرات فى مظاهرة قالوا عنها سلمية بس يطلع فيها دين الداخلية ضرب

أتمنى أن أكون قد أجبت تساؤلات المجلس العسكرى و لو المجلس مفهمش أو إستهبل

هفضل أموتكم ضرب لحد ما تفهموا إنها سلمية (يا عسكر يا ولاد الغبية)


هناك تعليق واحد:

إشترك فى المدونة ليصلك جديد المقالات من خلال
Your pictures and fotos in a slideshow on MySpace, eBay, Facebook or your website!view all pictures of this slideshow
رواية إسكندرانية جديدة بتتكلم عن إسكندرية إللى محدش إتكلم عنها قبل كده عن القعدة فى قهوة الريد و كيرماس سان مارك عن خناقات كارفور ما بين سان جابريال و أميريكان عن نزلة زعربانة عن نادى سبورتنج عن المعاويج و الدحيحة و النوفوريش و الناس الغلابة و عن الطبقة الوسطة و عن شرب الخمرة و الحشيش و لعب الإيستيميشن

فقرة من الرواية:"كانت لعبة الإيستيميشن و فن الحشيش بمثابة ثنائى لا يفترق بالنسبة لعمرو سلامة و رامى و كريم شمس و محمد البارودى... و الغريب أن كل واحد منهم كلن لديه فيما سبق ماضياً أفضل ... عمرو منذ سنين كان متديناً بشكل يسر الناظرين ... كريم كانت له ميول حزبية ... و رامى كان أقل جرأة و أكثر أدباً مع الجميع ... و محمد البارودى كان الأول على فصله فى المدرسة ... إنهم النموذج الشهير للنوع من البشر الذين يبحثون عن إستجابة الدعاء فى أكواب الخمور ... و وجدوا الشفافية السياسية فى شفافية ورق البفرة(ورق لف السجائر) الشفاف"

للدخول إلى جروب الرواية على الفيس بوك أضغط هنا

مدونات شقيقة