الفرق ما بينا و ما بين عم آدم إن عم آدم النظرة دى فضلت فى عنيه لحد ما بقى عنده 80 سنة , لدرجة إنه لما وصل للسن ده كانت تجاعيد وشه كلها متركزة فى أورته و عينيه .. لأنه إندهش كتير فى حياته و شاف حاجات يشيب ليها الولدان و ده يرجعنا لبداية الحكاية
ســــ1919ـــــنة , مشهد ولادة عم آدم كان فى قرية من قرى الصعيد الجوانى .. الضوء الخفيف و صوت الصريخ كانوا أهم سمتين بتميز المشهد ... مشهد ولادة عم آدم: كان مشهد داخلى كل الممثلين إللى فيه :ستات ... أهمهم أمه إللى هى مرات عمدة البلد و اللى ماتت حتى قبل ما ترضعه , و خالة أم حمدى الداية اللى لما راحت للعمدة عبد الغفار كانت فى موقف لا تحسد عليه: مكانتش عارفة تبشره علشان جاله ولد و لا تعزيه علشان مراته ماتت ... الحج سمع الخبر الأولانى فرح جداً سمع التانى أبتدت الإبتسامة إللى على وشه تنكمش تدريجياً على مدار شهر ... شهر مابيكلمش فيه بنى آدم ... شهر مابيلتفتش فيه ناحية آدم الرضيع لما يبكى ... كان شهر و كان آخر شهر فى حياته ... و بكده بآه "آدم" إسم على ما يُسمى لأن أول معرفته بالحياة كانت :يُتم عاش 8 سنين فى بيت عمه اللى بقى عمدة بعد موت أبوه, و كان شباك أودة نومه فى دوار العمدة بيطل على الترعة إللى نسوان القرية بيستحموا فيها ... كان بيبص عليهم و هم عرايا ... كان فى سنه ده ما فيش حاجة إسمها "شهوة" و لا حتى حاجة إسمها " نظرة دونية للمرآه" كل ده كان كلام كبير أوى عليه ... كان حرصه على إنه يشوفهم كل يوم رغم إعتراض عمه كان سببه فضول طفل نفسه يفهم ... مجرد ... فضول طفل نفسه يفهم كان كل البيت إللى عايش فيه رجالة , ولاد عمه كلهم صبيان .. و كان منهم واحد غيران منه جداً لأنه عارف إن - بحكم الوراثة - "آدم" هيبقى هو العمدة بعد موت عمه فقاله إنه لو بص م الشباك و عرف يعنى إيه ستات هيكبر ما بين يوم و ليلة و يبقى هو العمدة و إن علشان كده عمه بيمنعه
آدم من ساعة ما سمع الكلام ده كره عمه جداُ ... و دى كانت بداية مشاكل كتير ما بين آدم و ما بين عمه ... و بسبب المشاكل دى إجتمعت العيلة و قررت إن أفضل عقاب لآدم هو إنهم يبعتوه لخاله إللى بيشتغل قائد عسكرى فى بور-سعيد لما وصل "آدم" عند خاله القائد إكتشف إن عمه العمدة كان أرحم بكتير من خاله :راجل عجوز عايش لوحده لأن مفيش ست فى الدنيا قدرت تستحمل طباعه ... عمره مابيبتسم , قليل لما بيتكلم ..• الأكل بمقدار محدد
• النوم بمواعيد
• حتى دخول الحمام بميعاد ثابت
• و أخيراً و ليس أخراً : الصحيان على صوت سترينة متثبنة فوق السرير
كان لازم لما عقارب الساعة تقرب من 12 يكون آدم نايم , لإن إتناشر و خمسة من كل ليلة كان خاله بيرجع البيت و معاه ست من النوعية إللى بتقف جنب مينا بور-سعيد فى نص الليل
آدم مكانش مسموحله إنه يشوفهم بس كان بيسمع صوتهم ... صوت عمره ما سمعه فى حياته ... كان بيلزق ودنه لحد ما قربت تبقى جزء من الباب ... كان بيحاول على قد ما يقدر إنه يتخيل شكلهم و إنه يركب صورة ع الصوت إللى هو سامعه عاش مع خاله حياة مقفولة لدرجة إنه طول الفترة دى ماشافش البحر غير مرة واحدة بس
كان صِعب على خاله فقال يفسحه لمدة يوم بحاله و فى يوم واحد: شاف آدم , السينما و الملاهى و شاف البحر ...
أحنا دلوقتى فى ســـ1940ــــنة , بداية عصر تحرير المرآه ... جامعة القاهرة كانت –حسب تعريفه- عبارة عن مدرسة كبيرة البنات بيخشوها عادى !!!عاش مع زمايله إللى جايين من كل أنحاء مصر فى شقة من أحقر أحياء القاهرة ... فى شارع مليان ببائعات الهوى , و زى المتوقع من واحد زى آدم: كان زبون دايم عندهملحد ســــ1948ــــنة لما عرف إن مصر إتهزمت و بلغوه إن خاله مات فى الحرب, رغم الحياة البائسة إللى عاشها مع خاله إلا إنه –غصب عنه- كان بيحبه , لما أنهار أثر الخبر كان فى حضن واحدة منهم , ساعتها بس فهم إن النوع ده من الستات ما ينفعش تبكى فى حضنهم لما تكون مخنوق م الدنيا ...
و ده كان آخر تعامل معاهم , نهائياً, فهم بالطريقة الصعبة و هى التجربة إن المرآه فيها حاجات كتير أهم من الجنس , فيه حاجة تانية , صحيح هو مش عارفلها إسم بس ده ماينفيش وجودها ... و ده كان وقوده إنه يبحث أكتر ...كتير أوى من خبرتك فى الحياة بتبقى مصدرها وظيفتك , بالذات لو إنت بتشتغل فى مهنة زى الصحافة و خصوصاً صحافة الحوادث إكتشف عم آدم إن الجرايم كلها يا إما بتبتدى يا إما بتنتهى بواحدة ست ...يا إما ست هى اللى عملت الجريمة , يا إما واحد قتل ست , يا إما واحد قتل واحد علشان شافه مع مراته , يا إما واحد فى الصعيد أخد بالتار علشان يرضى أمه أو واحد يسرق و يقتل لمجرد إنه يرضى واحدة ست , حتى المخدرات إكتشف إن تلت أربع إللى بشربوا أفيون أدمنوه بسبب ستات , بس برضه شاف بعد كده إن تلت إربع إللى بينجحوا فى إنهم يبطلوا خمرة بيبقى دافعهم الستات معلومات كتير أوى وقعت فى إيده معرفش يربطها ببعض و لا إيه هى الطريقة المثلى لتحليلها , حيرته دى مامنعتهوش إنه ينجح أكتر فى شغله و يترقى و يصعد –برؤيته- لطبقة أعلى بكتير م اللى كان بيشوفها قبل كده.. شاف البلد من فوق ... قابل أم كلثوم شخصياً , و الملك إللى تقريباً قرب يتجوز مرة كل شهر و الستات الأكابر .. الستات الأكابر : إللى إتعلم إنه عمره مايقول عليهم "ست" أو حتى "مرآة" ... لازم و لا بد يقول عليها هانم ... و كأنها حاجة تانية غير بقية الستات إللى فى العالم ... مخلوق مختلف و جديد .. قرر إنه يستكشفه و من هانم لهانم من عيلة لعيلة أكبر , لما ثورة يوليو قامت كان فى حضن واحدة من أكبر العائلات إللى فى البلد , و المرة دى غير المرة بتاعة 48 المرة دى هو مبسوط بس مايقدرش يبين ده قدام واحدة تايهة من ساعة ما سمعت الخبر"يعنى أحنا دلوقتى ملوك و لا صعاليك؟ و لا بقينا إيه؟ طب هايسيبونا فى البلد و لا هاطردونا منها؟"سألته و الدمعة فى عنيها مش راضية تنزل غير لما تتأكد من الإجابة (لاحظوا لحد دلوقتى إنه مشاركش إى ست فى فرحه أو حتى حزنه , صحيح هو مفهمش مخلوق المرة لحد الآخر بس على الأقل عرف إنه من أرق الكائنات إللى فى العالم فكان لازم يتمسك بطبقة رفيعة من الكدب علشان مايبوظش علاقته بيهم)
الهرم المصرى إتقلب بعد الثورة , الأغنيا بقم غلابة , و الفقرا بقم هما اللى ماسكين البلد و هم رؤوس العائلات الكبيرة !!!! و عم آدم زى ما هو , عمره ما كان غنى و عمره ما كان فقير , مرة يبقى إبن العمدة إللى بيشتغل بعد الكلية علشان مصاريف الجامعة و مرة يبقى الصحفى البسيط إللى بيرافق زيه زى الباشوات تمام و غصب عنه سمعته بعد فترة م الزمن كانت بتجتذب النوع الغلط م الستات , و كان كل مرة بيقع فى الفخ , و احدة منهم كانت هانم .. هانم م الهوانم إللى الجداد و اللى قررت إنها مش قادرة تستنى جوزها الظابط لحد ما يرجع م السفر ... لما قرب من سريرها ... قلعت هدومها , شالت المكياج , دقق فى عنيها لقاها هى هى نفس الست إللى كانت معاه يوم نكــــ48ـــسة : العاهرة .ده حتى ماستغربش لما الراديو تانى يوم ذاع خبر النكسة , المصرى الوحيد إللى ماندهش , كأنه كان حاسسها, ماطقش يقعد بعديها فى مصر يوم واحد , فضل صحفى برضه بس لف العالم , شاف الستات بتوع كل حتة : سود , بيض , بدو , هنود , صينيين , راح لمتحف الـلوفر و وقف قدام لوحة الموناليزا 80 مرة بس رجع و وقف قدامها للمرة ال81 ... يمكن يلاحظ فيها تفصيلة ماشفهاش قبل كده ...سنه إبتدى يكبر و بسبب إسلوب حياته : صحته إبتدت تتعب.. جاتله جلطة قلبية مرتين المرة الأولانية م الحزن لما عرف إنه عمه العمدة مات , ساعتها لما صحى فى المستشفى كان فيه ست ماسكة إيده و سهرانة جنبه .. قام م السرير فى ثانيتها و خرج م المستشفى حتى قبل الموعد المتوقع لشفائه
و المرة التانية م الفرح لما عبرنا فى 73 بس صحى فى المستشفى لقى نفسه لوحده , جاتله حالة إكتئاب و رفض يطلع م المستشفى و لا كأن الأرض رجعت و لا كإن إللى عبر عبر
فى أواخر أيامه قرر إنه يعيش فى بلدهم فى دوار العمدة ... لسه البيت زى ما هو ... لسه ريحة الزرع وقت الحصاد .. المكان الوحيد إللى تقدر تعرف فيه إنت فى أنهو شهر فى السنة عن طريق حاسة الشم ... لسه الشباك ... و لسه الترعة ...و لسه الستات ... و لسه هو ماوصلش للى هو عايزه ... لسه مافهمش .. كان بيبعت يجيب الكتب من مصر بالكيلو ... يقرا و يقرا .. يقرا من أول العهود القديمة و المصحف والأحاديث و المزامير , لحد روابات أحسان عبد القدوس ,و فى وسط قراياته وقف عم آدم عند صفحة من رباعيات صلاح جاهين .. تنى الورقة و وصى إن إللى مكتوب فى الصفحة دى لازم يتكتب على قبره
مشهد موته كان شبه مشهد ولادته فى حاجات كتير , برضه كل الممثلين إللى فيه ستات , الستات إللى هو عرفهم فى حياته كلهم جم و ماهمهومش بُعد المسافة , لأنه فى حياته إحترمهم بجد مكانوش بالنسبة له مجرد فئران تجارب, يمكن الفرق الواضح الوحيد ما بين مشهد ولادة و مشهد موت عم آدم إن الإضائة مكانتش خافتة ... بالعكس ليلتها سما مصر كلها كانت منورة بالألعاب النارية إحتفالاً بالألفية الجديدة ... أضواء شبه البرق بتنور قبر مكتوب عليه
نظرت كتير فى الملكوت و إنشغلت
و لكل ليه و علشان إيه سألت
أسأل سؤال الرد يرجع سؤال
طلعت و حيرتى أشد مما دخلت
عجبى ...
عجبى ع الستات ...
هناك تعليقان (2):
مقال رائع
اسلوب مشوق رغم سخريته المؤلمة
اسلوب سردى اكتر من راءع يشد القارئ حتى اخر لحظه احييك عليه
إرسال تعليق